الثورة أمامنا.. والعسكر والفلول حولنا.. كيف بدأنا ثورتنا.. وكيف نكملها

مر علي الموجة الأولي من الثورة ما يقرب من سنة ونصف, وكان لدينا الحماس والقوة والوحدة التي نسطيع بها إسقاط أي طاغية يتبع مبارك, هناك من كانوا متحمسين جدا لفكرة المجلس الرئاسي المدني وأنا منهم, وهناك من كان ينظر بعقله ويري انه من الصعب إجبار المجلس العسكري علي تسليم السلطة لمجلس مدني أيا كانت صفته.

إحترمت وجهة النظر التي قالت نعم لسرعة تسليم المجلس العسكري إدارة البلاد لسلطة منتخبة أيا كانت هذه السلطة.. فهي بالتأكيد لن تكون  من النظام القديم الذي ثورنا عليه, ولكني كنت اعلم انه مخطط من المجلس العسكري للإنقلاب علي الثورة تدريجيا, لأنني أثق تمام الثقة في عدم تقبل المجلس العسكري لتسليم البلاد لحاكم إسلامي أو حتي ليبرالي منحاز للثورة.

وجائت النتيجة وبدأ استغلال العسكر للإخوان والسلفيين في الإنقلاب علي من يخالفهم الرأي ممن اشتركوا أو أشعلوا الثورة سواء يساريين أو ليبراليين أو شباب 6 إبريل أصحاب النضال الطويل تحت حكم مبارك, والشعب الذي يريد "الإستقرار" والذي تأثر سابقا بخطاب مبارك العاطفي, تاثر أيضا بخطابات وبيانات المجلس العسكري عن التمويلات الأجنبية والفوضي ومخططات تقسيم مصر.

بهذه الطريقة يتم القضاء علي شرائح كثيرة ممن اشتركوا في الثورة.. وبقي في الصورة الإخوان والسلفيين الذين يبحثون عن "الإستقرار" لمصر ويقتربون من المواطنين في الشارع أو المساجد, وهو ما نتج عنه إكتساحهم للإنتخابات البرلمانية. هنا تبدأ الحرب الإعلامية ضد الإخوان والسلفيين وتبدأ أزمات البلاد في غلاء الأسعار ونفاذ الوقود وغيره من الأزمات التي تمس المواطن البسيط ويتم تسليط الضوء علي البرلمان كأنه المتسبب في هذه الازمات, ليصل بالمواطن الحال بفقد الثقة بالإسلاميين الذين انتخبهم ولا يقبل إنتخابهم مرة أخري في الإنتخابات الرئاسية و غيره من الإنتخابات.

هنا يسطع نجم المنقذ. الذي يعد بإعادة الإستقرار "إستقرار مبارك" الذي بات يتمناه المواطن البسيط الذي كفر بالثورة التي لم تأتي له بجديد, بل بالعكس زادت من معاناته, وأصبح يحلم بيوم آمن من أيام مبارك, فهو لا يجد قوته أيضا ولكنه علي الأقل آمن علي نفسه وعلي أسرته.

ثم يأتي السؤال .. كيف نكمل ثورتنا ونستعيد ثقة الشعب في الثورة؟؟ هل مقاطعة إنتخابات الرئاسة هي الحل؟ هل إنتخاب مرشح ثوري حتي النخاع ولكن فرصته ضئيلة في الفوز هي الحل؟ بعض من أصحاب الرأيين السابقين كان لهم رأي عقلاني جداا في وقت يحتاج التفكير بطريقة ثورية.. وهم الآن يفكرون بطريقة ثورية جداا في وقت يحتاج إلي التفكير بعقلانية, ورأيهم سابقا لم يأتي بالنتيجة التي يرغبونها ولا رأيهم الحالي سوف يأتي بنتيجة لصالح الثورة.

ما نتفق عليه جميعا أننا نريد ان تحكم الثورة, لا أن تحكم جبهة واحدة اشتركت في الثورة ولا أن يحكم فلول نظام مبارك وينفذون ما وعدوا به صراحتا من حل البرلمان وإعادة الأمور إلي ماكانت عليه في عهد مبارك بدليل تفاخرهم بخبراتهم السابقة في عهد مبارك.

كيف تحكم الثورة في حال وجود جماعة تمشي في طريقها بقمة الحماس للحصول علي مكاسب إضافية, ولا أستبعد أن تعقد الصفقات لاحقا مع العسكر في حال فوزهم.. وقد يقدموا خدمات للشعب بأقل القليل الذي يرضي به نسبة كبيرة من المواطنين البسطاء ونجد انفسنا أمام حزب وطني جديد, في نفس الوقت الذي يسير المجلس العسكري في مخططه الذي رسمه من أول يوم للقضاء علي الثورة؟

لن تفيد الثورة بشئ المقاطعة, بل ستخسر أكثر, ولن يفيد الثورة انتخاب من ليس له فرصة قوية, لأننا نعطي فرصة للمجلس في تزوير الإنتخابات, إعتمادا علي اصوات الثوار "المفتتة", واقتناع الشعب - بناءا علي إعلام بلدنا - أن مصر تحتاج لرجل قوي ذو خبرة أو ذو خلفية عسكرية لإدارة البلاد خلال المرحلة القادمة.

إيجابيتنا تحتم علينا المشاركة وإختيار من هو جدير بإدارة المرحلة بالشكل الذي يفيد الثورة واهدافها, ومن يلتف حوله اطياف المجتمع المختلفة, لنعمل معا لصد أي مخطط للفلول للقضاء علي الثورة وإعادة بناء نظام ثورنا عليه وقدمنا آلاف الشهداء والجرحي.

رأيي المتواضع أن أكتر شخص مناسب للمرحلة هو أبو الفتوح, وأكثر ما يميزه من وجهة نظري, ليس خبرته أو برنامجه الإنتخابي الذي شهد له الخبراء بأنه يتميز بالتغيير الجذري لشكل الدولة المصرية, بل مؤيديه المنتمين لكافة أطياف المجتمع من يساريين وليبراليين وإخوان وسلفيين ومسيحيين, ولا أنظر هنا إلي ميزة إختلاف أطيافهم بقدر ما أنظر انهم جميعا لا يقدسوه كشخص, مثلما يفعل الآخرون مع مرشحيهم سواء "بردعاوية" أو "حازمون" أو غيرهم مع كامل الإحترام لهم, بينما يتوعدونه بأنهم لن يسكتوا علي أخطاءه إذا فاز بمنصب الرئيس ولكنهم سيكونون أول المعارضين في حال اخطأ - نعم هؤلاء هم مؤيدينه - وليسوا المنافسين, وقابل أبو الفتوح هذا الوعيد بمنتهي الترحيب مما يدل علي صدق وامانة الرجل وتقبله للإختلاف.

لن يكون هناك رئيس منزه عن الخطأ, ويميز مؤيدي أبو الفتوح انهم يعلمون جيدا ما يميزه وما يعيبه, لا يوصفونه بمرشح الثورة ولكن مرشح المرحلة التي ستساعد كثيرا في استكمال الثورة وتقويتها من جديد, وبخصوص مرجعيته الإسلامية, فأنا ليس لدي هذه الحساسية من المرجعية الإسلامية مثلي مثل معظم الشعب المصري. لذا صوتي لأبو الفتوح ليس لشخصه, بل صوتي لتنوع وقوة مؤيديه لأنني أري فيهم مجتمعين "مصر القوية".

وأخيرا لن أطلب منك, إختيار مرشحي ولكن أطلب منك أن تستعيد اول أيام الثورة وتتذكر.. ما الذي قمنا بالثورة من اجله؟؟

تذكر ثورتنا.. تذكر شهدائنا.. ثم انتخب


محمد عبد الحفيظ


@abbo0



تعليقات

المشاركات الشائعة